فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشنقيطي:

سورة الفجر:
{والفجر (1) وَلَيَالٍ عشر (2)}
اختلف في المراد بالفجر، فقيل: انفجار النهار من ظلمة الليل.
وقيل: صلاة الفجر.
وكلا القولين له شاهد من القرآن. أما انفجار النهار، فكما في قوله تعالى: {والصبح إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير].
وأما صلاة الفجر فكما في قوله: {أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس إلى غَسَقِ الليل وَقرآن الفجر إِنَّ قرآن الفجر كَانَ مَشهوداً} [الإسراء: 78]، ولكن في السياق ما يقرب القول الأول، إذ هو في الأيام والليالي الفجر وليال عشر، الليل إذا يسري، وكلها آيات زمنية أنسب لها انفجار النهار.
بقي في ذلك اختلافهم في أي الفجر عنى هنا، فقيل بالعموم في كل يوم، وقيل: بالخصوص. والأول قول ابن عباس وابن الزبير وعلي رضي الله عنهم.
وعلى الثاني فقيل: خصوص الفجر يوم النحر.
وقيل: أول يوم المحرم، وليس هناك يعول عليه. إلا أن فجر يوم المحر أقرب إلى الليالي العشر، إن قلنا: هي عشر ذي الحجة على ما يأتي إن شاء الله.
أما الليالي العشر فأقوال المفسرين محصورة في عشر ذي الحجة، وعشر المحرم والعشر الأواخر من رمضان. والأول جاء عن مسروق أنها العشر التي ذكرها الله في قصة موسى عليه السلام {وأتممناها بعشر}، وكلها الأقوال الثلاثة مروية عن ابن عباس. وليس في القرآن نص بعينها.
وفي السنة بيان فضيلة عشر ذي الحجة وعشر رمضان كما هو معلوم، فإن جعل الفجر خاصاً بيوم النحر، كان ذي الحجة أقرب للسياق. والله تعالى أعلم.
والشفع والوتر: ذكر المفسرون أكثر من عشرين قولاً ومجموعها يشمل جميع المخلوقات جملة وتفصيلاً.
أما جملة فقالوا: إنما الوتر هو الله، للحديث: «إن الله وتر يحب الوتر»، وما سواه شفع، كما في قوله: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49]، فهذا شمل كل الوجود الخالق والمخلوق، كما في عموم {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} [الحاقة: 38-39].
أما التفصيل فقالوا: المخلوقات إما شفع كالحيوانات أزواجاً، والسماء. والأرض، والجبل، والبحر، والنار، والماء. وهكذا ذكروا لكل شيء مقابله، ومن الأشياء الفرد كالهواء وكلها من باب الأمثلة.
والواقع أن أقرب الأقوال عندي والله أعلم: أنه هو الأول لأنه ثبت علمياً أنه لا يوجد كائن موجود بمعنى الوتر قط حتى الحصاة الصغيرة.
فإنه ثبت أن كل كائن جماد أو غيره مكون من ذرات والذرة لها نواه ومحيط، وبينهما ارتباط وعن طريقهما التفجير الذي اكتشف في هذا العصر، حتى في أدق عالم الصناعة كالكهرباء، فإنها من سالب وموجب، وهكذا لابد من دورة كهربائية للحصول على النتيجة من أي جهاز كان، حتى الماء الذي كان يظن به البساطة فهو زوج وشفع من عنصرين، أكسجين وهدروجين، ينفصلان إذا وصلت درجة حرارة الماء إلى مائة إلى الغليان، ويتآلفان إذا نزلت الدرجة إلى حد معين فيتقاطران ماء، وهكذا.
ونفس الهواء عدة غازات وتراكيب، فلم يبق في الكون شيء قط فرداً وتراً بذاته، إلا ما نص عليه الحديث: «إن الله وتر يحب الوتر» ويمكن حمل الحديث على معنى الوتر فيه مستغنى بذاته عن غيره، والواحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. فصفاته كلها وتر كالعلم بلا جهل والحياة بلا موت. إلخ. بخلاف المخلوق، وقلنا: المستغنى بذاته عن غيره، لأن كل مخلوق شفعاً، فإن كل عنصر منه في حاجة إلى العنصر الثاني، ليكون معه ذاك الشيء والله سبحانه بخلاف ذلك. ولهذا كان القول الأول، وهو أن الوتر هو الله، والشفع هو المخلوقات جميعها، هو القول الراجح، وهو الأعم في المعنى.
قوله: {والليل إِذَا يسر} اتفق المفسرون على المعنى وهو سريان الليل، ولكن الخلاف في التعيين هل المراد به عموم الليالي في كل ليلة أم ليلة معينة، وما هي؟
فقيل: بالعموم كقوله: {والليل إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17].
وقيل: بالخصوص في ليلة مزدلفة أو ليلة القدر.
وأيضًا يقال: إذا كان الفجر فجر النحر، والعشر عشر ذي الحجة فيكون {والليل إِذَا يسر} ليلة الجمع. والله تعالى أعلم.
وقد رجح القرطبي وغيره عموم الليل، وقد جمع في هذا القسم جميع الموجودات جملة وتفصيلاً، فشملت الخالق والمخلوق والشفع والوتر إجمالاً وتفصيلاً، في انفجار الفجر وانتشار الخلق وسريان الليل وسكون الكون، والعبادات في الليالي العشر.
فكان من أعظم ما أقسم الله به قوله تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حجر} أي عقل، والحجر كل مادته تدور على الإحكام والقوة، فالحجر لقوته، والحجرة لإحكام ما فيها. والعقل سمي حجراً بكسر الحاء. لأنه يحجر صاحبه عما لا يليق، والمحجور عله لمنعه من تصرفه وإحكام أمره، وحجر المرأة لطفلها، فهذه المقسم بها الخمسة هل فيها قسم كاف لذي عقل، والجواب: بلى، وهذا ما يقوي هذا القسم بلا شك.
ثم اختلف في جواب هذا القسم حيث لم يصرح تعالى به، كما صرح به في نظيره، وهو قوله: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 75-76]. ثم صرَّح بالمقسم عليه {إِنَّهُ لَقرآن كَرِيمٌ} [الواقعة: 77] الآية. وهنا لم يصرح به من عظم القسم فوقع الخلاف في تعيينه.
فقيل: هو مقدر تقديره ليعذبن يدل له قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بعاد} [الفجر: 6]-إلى قوله:- {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عذاب} [الفجر: 13].
وقيل: موجود وهو قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد} [الفجر: 14]، قاله القرطبي..
وهذا من حيث الصناعة في اللغة وأساليب التفسير وجيه، ولكن يوجد في نظري والله تعالى أعلم: ارتباط بين القسم وجوابه وبينما يجيء في آخر السورة من قوله: {كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً} [الفجر: 21]، إلى آخر السورة. كما أنه يظهر ارتباط كبير بينه وبين آخر السورة التي قبلها، إذ جاء فيها: {فذكر إِنَّمَآ أَنتَ مذكر لَّسْتَ عَلَيْهِم بمسيطر إِلاَّ مَن تولى وكفر فَيْعَذِّبُهُ الله العذاب الأكبر} [الغاشية: 21-24]، {والفجر وَلَيالٍ عشر} [الفجر: 1-2]-إلى قوله- {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حجر} [الفجر: 5] لأن ما فيه من الوعيد بالعذاب الأكبر والقصر في إيابهم إلى الله وحده وحسابهم عليه فحسب يتناسب معه هذا القسم العظيم. أما ارتباطه بما في آخر السورة، فهو أن المقسم به هنا خمس مسميات {والفجر وَلَيالٍ عشر والشفع والوتر والليل إِذَا يسر} [الفجر: 1-4]، والذي في آخر السورة أيضًا خمس مسميات: {دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً وَجَاءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً وجيء يومئِذٍ بِجَهَنَّمَ يومئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وأنى لَهُ الذكرى} [الفجر: 21-23]. صور اشتملت على اليوم الآخر كله من أول النفخ في الصور، ودك الأرض إلى نهاية الحساب، وتذكر كل إنسان ماله وما عليه، تقابل ما اشتمل عليه القسم المتقدم من أمور الدنيا.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بعاد (6)}، لم يبين هنا ماذا ولا كيف فعل، بمن ذكروا، وهم عاد وثمود وفرعون.
وقد تقدم ذكر ثلاثتهم في سورة الحاقة عند قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} [الحاقة: 5]، {وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ} [الحاقة: 6-7]-إلى قوله- {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً} [الحاقة: 10].
والجديد هنا: هو وصف كل من عاد من أنها {ذات العماد}، و{لم يخلق مثلها في البلاد}، و{ثمود} أنهم {جابوا الصخر بالواد}، و{فرعون} أنه ذو أوتاد.
وقد اختلف في المعنى بهذه الصفات كلها.
أما عاد، فقيل: {العماد} عماد بيوت الشعر، والمراد بها القبيلة. وطول عماد بيوتها: كناية عن طلو أجسامهم، كما قيل في صخر:
رفيع العماد طويل النجاد

وطول الأجسام يدل على قوة أصحابها.
وقيل: {إرم}: كانت مدينة رفيعة البنيان، وذكروا في أخبارها قصصاً تفوق الخيال، وأنها في الربع الخالي، ولكن حيث لم تنبث أخبارها بسند يعول عليه، ولم يصدقه الواقع، فقال قوم: قد خسف بها ولم تعد موجودة.
أما ثمود: فقد {جابوا}، أي نحتوا {الصخر بالواد}، بواد القرى في مدائن صالح، وهي بيوتهم موجودة حتى الآن.
وأما فرعون ذو الأوتاد، فقيل: هي أوتاد الخيام، كان يتدها لمن يعذبهم.
وقيل: هي كناية عن الجنود يثبت بها ملكه.
وقيل: هي أكمات وأسوار مرتفعات، يلعب له في مرابعها.
قال ابن جرير ما نصه: حدثنا بشر قتال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة {وفرعون ذي الأوتاد}، ذُكِر لنا أنها كانت مطال، وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وجبال.
والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن هذا القول هو الصحيح، وأنها مرتفعة، وأنها هي المعروفة الآن بالأهرام بمصر، ويرجع ذلك إلى عدة أمور:
منها: أنها تشبه الأوتاد في منظرها طرفه إلى أعلا، إذ القمة شبه الوتد، مدببة بالنسبة لضخامتها، فهي بشكل مثلث، قاعدته إلى أسفل وطرفه إلى أعلا.
ومنها: ذكره مع ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، بجامع مظاهر القوة، فأولئك نحتوا الصخر بيوتاً فارهين، وهؤلاء قطعوا الصخر الكبير من موطن لا جبال حوله، مما يدل أنها نقلت من مكان بعيد. والحال أنها قطع كبار صخرات عظام ففي اقتطاعها وفي نقلها إلى محل بنائها، وفي نفس البناء كل ذلك مما يدل على القوة والجبروت، وتسخير العباد في ذلك.
ومنها: أن حملها على الأهرام القائمة بالذات والمشاهدة في كل زمان ولكل جيل، أوقع في العظة والاعتبار، بأن من أهلك تلك الأمم، قادر على إهلاك المكذبين من قريش وغيرهم.
صدق الله العظيم: {إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد} [الفجر: 14].
{فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ونعمه فَيَقول رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)}
قوله تعالى: {فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ونعمه فَيَقول ربي أَكْرَمَنِ وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه فَقدر عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقول ربي أَهَانن كَلاَّ}
بين تعالى أنه يعطي ويمسك ابتلاء للعبد.
وقوله تعالى: {كَلاَّ}، وهي كلمة زجر وردع، وبيان أن المعنى لا كما قلتم فيه تعديل لمفاهيم الكفار، بأن العطاء والمنع لا عن إكرام ولا لإهانة، ولكنه ابتلاء، كما في قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الموت وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً} [الأنبياء: 35].
وقوله: {واعلموا أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28].
قوله تعالى: {كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليتيم وَلاَ تَحَاضُّونَ على طَعَامِ المسكين وَتَأْكُلُونَ التراث أَكلا لما وَتُحِبُّونَ المال حبًّا جَمّاً}.
بعد ما بين سبحانه صحة المفاهيم في العطاء والمنع، جاء في هذه الآيات وبين حقيقة فتنة المال إيجاباً وسلباً جمعاً وبذلاً، فبدأ بأقبح الوجوه من الإمساك من عدم إكرام اليتيم، مهيض الجناح، مكسور الخاطر، والتقاعس عن إطعام المسكين، خالي اليد جائع البطن، ساكن الحركة، وهذان الجانبان أهم مهمات بذل المال وهم يمسكون عنها، وقد بين تعالى أن هذا الجانب هو اقتحام العقبة عند الشدة، في قوله تعالى في سورة البلد {فَلاَ اقتحم العقبة وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يوم ذي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مسكيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 11-16].
ومن الجانب الآخر {وَتَأْكُلُونَ التراث أَكلا لَّمّاً} أي الميراث، فلا يعطون النسوة وهن ضعيفات الشخصية، أحوج إلى مال مورثهن، وتحبون المال حبًّا حتى استعبدكم وألهاكم التكاثر فيه.
وهنا لفت نظر للفريقين، فمن أُعطي منهم لا ينبغي له أن يغفل طرق البذل الهامة، ومن مُنع لا ينبغي له أن يستشرف إلى ما لا ينبغي له، وبالله تعالى التوفيق.
{كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)}
تقدم في سورة الحاقة أيضًا هذا السياق نفسه، بعد ذكر ثمود وعاد وفرعون في قوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور نَفْخَةٌ واحدةٌ وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً واحدةً} [الحاقة: 13-14]-إلى قوله- {والملك على أَرْجَآئِهَآ} [الحاقة: 17] الآية. مما يبين معنى صفاً صفاً، أي على أرجائها صفاً بعد صف.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، الإحالة على ما يفسرها في سورة الرحمن على قوله تعالى: {إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض} [الرحمن: 33]. وقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً} [الفجر: 22]، وجاء ربك: من آيات الصفات.
مواضع البحث والنظر:
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مراراً في الأضواء في عدة محلات، وليعلم أنها والاستواء وحديث النزول والإتيان المذكور في قوله تعالى: {هَلْ ينظرون إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام والملائكة وَقُضِيَ الأمر وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور} [البقرة: 210] سواء.
وقد أورد الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث آيات الصفات كاملة في محاضرة أسماها (آيات الصفات) وطبعت مستقلة.
كما تقدم له رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأعراف عند قوله تعالى: {ثُمَّ استوى على العرش يُغْشِي الليل النهار} [الأعراف: 54]، وإن كان لم يتعرض لصفة المجيء بذاتها، إلاَّ أنه قال: إن جميع الصفات من باب واحد، أي أنها ثابتة لله تعالى على مبدأ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، على غير مثال للمخلوق، فثبت استواء يليق بجلاله على غير مثال للمخلوق.
وكذلك هنا كما ثبت استواء ثبت مجيء ثبت نزول.
والكل من باب {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، أي على ما قال الشافعي رحمة الله: نحن كُلفنا بالإيمان، فعلينا أن نؤمن بصفات الله على ما لا يليق بالله على مراد الله، وليس علينا أن نكيف، إذ الكيف ممنوع على الله سبحانه.
{وَجِيءَ يومئِذٍ بِجَهَنَّمَ يومئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذكرى (23)}
قد بين تعالى موضوع تذكر الإنسان، وهو قوله: {يَقول يا ليتني قَدَّمْتُ لحياتي} [الفجر: 24].
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان في ذلك سورة الفرقان عند قوله تعالى: {وَيوم يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ يَقول يا ليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً} [الفرقان: 27] الآيات. اهـ.